تصنيف بحسب الفئة:

سماحة السيد محمَّد علي العلوي

"تختلف اللوازمُ والأحكامُ العارِضة على نفس الموضوع باختلاف جهات وحيثيات النظر. فبحثُ الإسلامِ -مثلًا- بما هو حقيقةٌ، يُنظَرُ فيه إلى ما ميَّزه فكان موضوعًا للتسليم العقلي الأخص، وللخطاب الإلهي التشريعي الموجَّه للإنسان، دون نظرٍ إلى كون الإنسان موجودًا أو لا.

أمَّا لو بحثنا الإسلام من جهة كونه موضوعًا للتسليم العقلي الأخص، ومن جهة كونه خطابًا توجَّه فعلًا للإنسان الموجود خارجًا، فنحن حينها نتحدَّث عن الإسلام المتعلِّق بالإنسان على نحو القضية الخارجية.

بعد وجود الإسلام في الناس عقيدةً وفقهًا، نبحث في نفس جهة النظر هذه عن علَّةِ أو مُقْتَضَيَاتِ بقائِهِ فيهم. ومن الواضح توقف العناوين القانونية في ظهورها الخارجي على الأخذ بها وانتهاجها سلوكًا وثقافةً، ولو على نحو الجبر، ولذلك، فالإسلام الصحيح، وأؤكِّد على قيد الصحيح، يظهر في الحياة عند الأخذ والتمسك به؛ فهو في الواقع مجموعةٌ من القوانين، فيكون صغرى لتوقُّف العناوين القانونية في ظهورها الخارجي على الأخذ بها سلوكًا وثقافةً. أي أنَّ الإسلام مجموعة من العناوين القانونية، وما كان كذلك فإنَّه لا يظهر خارجًا ما لم يُتمسَّك به سلوكًا وثقافة. وهذا وجه من وجوه الحكمة في قوله (صلَّى الله عليه وآله):

"يا أيُّها الناس، إنِّي تاركٌ فيكم الثقلين، أمَا إنْ تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنَّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوضَ".

فلا بقاءَ في الخارج للإسلام الصحيح ما لم تكن هناك جماعةٌ مؤمنة تعتصم في سلوكها وثقافتها بالقرآن والعِترة"

سماحة الشيخ عبدالله ابن الشَّيخ محمَّد جعفر آل سعيد

"ارتأيتُ وأنا طالبٌ يدرُسُ اللُّمعة الدمشقية أنْ أكتُب شرحًا مختصرًا على المختصر النَّافع، وذلك بغية الدربة والمران والتمرّس والإتقان لصنعة الاستدلال الفقهي، غيرَ أنَّي لمَّا رأيتُ البحرَ قد عبَّ وغزُر، ووجدتُ في نفسي مَنْ يحدِّثُها بالأناة والمكث، وأنْ لا أتزبَّبَ أثناء التحصرُم، ارتأيتُ أنْ أصبِرَ عن كتابة الشَّرح -لا سيّما بعد أنْ تجدَّد العزم أنْ يضمَّن الشرح عصارة البحث والتدقيق في كلمات المحققين من أعلام فقهائنا المعاصرين لا سيّما وأنَّ آثار بعض الأعاظم لمَّا تنشر بعد- فارتأيتُ الصَّبْر حتَّى يأذنَ الله لي بذلك ويدركني التوفيق.

وبعد طول مكث وانشغال وجدتُ صوتًا يحدِّثني بضرورة نشر نتفة من الشرح حتى تكون لي -أوَّلًا- ملجأً ومعتصمًا إذا بلغت روحي التراق ولمَّا أُتِمّ ما صبوتُ له بعد تضييع الوقت في الشهوات والغفلات، ولتصحيح ما يتفضَّل عليَّ سادتي طلاب العلم وآبائي الأساتذة العلماء من ملاحظات وتصحيحات سواء في المنهجيّة أو في الأسلوب أو في سوء فهم بعض المطالب، علَّني أتدارك ما كان من غفلة أو تفريط، وأنقّح ما عرض من خطأ في التصنيف"